المرحلة الثالثة: شمول الإسلام
مدتها لا تقل عن شهر كامل، ويبدأ فيها الداعية في هذا الطور بتوضيح شمولية الإسلام، وأنه ليس مقصورًا فقط في الصلاة والصوم مثلاً.. بل إن الإسلام يجب أن يحكُم في كل صغيرة وكبيرة.. أوضِح له كيف أن الإسلام قائم على أساس الفطرة السليمة من أن الله استخلف الإنسان في الأرض ليعمرها وِفق منهج رسمه الله له، وأن هذا المنهج يشمل كافة أشكال النشاط الإنساني، ولم يترك منها شيئًا والشمولية لا تعني مجرد الفهم، وإنما الإيمان بها، والعمل لها، والتربية عليها، وبهذا يكون المدعو في هذا الطور قد حول جميع حركاته وسكناته وفق شرع الله عز وجل.
وسائل مساعدة
استعن بما يفيد في ذلك من الكتب (شمولية الإسلام للدكتور القرضاوي- أصول الدعوة للدكتور عبدالكريم زيدان- ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين للأستاذ أبو الحسن الندوي- القيم الحضارية في رسالة الإسلام للدكتور محمد رأفت عثمان- من روائع حضارتنا للدكتور مصطفى السباعي).
شمولية العبادة
- اخرج به عن المفهوم الضيق الذي حصر الناس معنى العبادة فيه، فاجعل شعارك وشعاره ﴿قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ (الأنعام: 162).
- أكثر من التذكير بالنية، خاصةً عند الأمور الحياتية العادية، بما في ذلك علاقتك به، مذكرًا بفضل الأخوَّة في الله تعالى، شارحًا قول رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى"متفق عليه".
- استفِد من سيرة النبي- صلى الله عليه وسلم- في عمله ودعوته وبذله.
- اسأله دائمًا عن أحواله في عمله وإتقانه فيه؛ لأن ذلك من صميم الإسلام.
- تأكد من إيجابيته وسعيه الدائم لخدمة مجتمعه.
- اصطحبْه لحضور بعض المنتديات واللقاءات والمسرحيات الهادفة.
- شجِّعه باستمرار على القراءة والاطلاع المستمرِّ، ومن الضروري هنا أن يدرس العقيدة الإسلامية الصحيحة، وأن يحوز قدرًا معقولاً- على الأقل- من العلوم الشرعية، وأن يقرأَ في السيرة والتاريخ وقيم الإسلام الحضارية، كما عليه ألا يغفل القراءة في المجالات المختلفة من العلوم المختلفة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وكذلك في حضارات الشعوب والأمم.
- حثه على متابعة الأخبار يوميًّا، واستطلاع أحوال العالم من حوله.
- احرص على أن يحقق في نفسه بعض الصفات الإسلامية الأساسية، مثل حسن الخلق، الثقافة، صحة البدن، نفع الغير، الحرص على الوقت، التنظيم في حياته وشئونه.
- يفضَّل أن يقتني في نهاية المرحلة لِبسًا رياضيًّا، وأدواتِ رسمٍ وفنٍّ أو غيرها من الهوايات ومتطلبات تخصُّصِه؛ لكي يتقن ويبدع فيه.
من علامات انتهاء المرحلة
- إذا بدأ يتحرَّى رأيَ الإسلام في كل أمور حياته.
- إذا أظهر فهم الإسلام الشامل من خلال حديثه وعلاقته بزملائه.
المرحلة الرابعة
واقع المسلمين اليوم ووجوب العمل للإسلام
مدة هذه المرحلة شهر ونصف على الأقل، ويوضح للمدعو أن الإسلام ليس معناه أن نكون مؤدين للعبادات، متخلقين بالأخلاق الفاضلة وإلى هنا ننتهي.. بل يجب أن يوضح له أن الإسلام دين جماعي، نظام حياة وحكم وتشريع، عقيدة وأخلاق، ودولة وجهاد.. ذكِّره بمبشرات النصر من الشرع ومن الواقع، ثم وضِّح له ما يعانيه المسلمون في كل مكان فلسطين، الشيشان، كشمير،.. إلخ؛ مما يدعوه للتألم والحزن، ثم يفكر كيف يمكن له مساعدة إخوانه المسلمين في كل مكان ومساندة قضاياهم.
|
</TR>
كما يوضح للمدعو ما يستوجبه الواقع الذي تمرُّ به الدعوة إلى الله، وأنها محتاجةٌ إلى تكاتف الجهود، ولَمِّ الشمل، ووحدة الصف، والعلم..؛ حتى يتمكن المسلمون من إعادة الخلافة الإسلامية التي كاد لها أعداء الله من الداخل والخارج حتى أطاحوا بها.
وسائل مساعدة
- إخباره بالأحداث أولاً بأول، والتعليق عليها، وإهداؤه المجلات والجرائد، وتوجيهه إلى سماع النشرات.
- دعوته لحضور المؤتمرات الندوات الخاصة بذلك.
- دراسة بعض الكتب مثل: (دمروا الإسلام أبيدوا أهله.. أساليب الغزو الفكري، و...).
- احذر أن تتناول هذه القضايا بصورة يائسة تبعث على الاستسلام للواقع والإحباط واليأس.
- استعن بالأشرطة والكتب التي تتناول قضايا المسلمين.
- اتفق معه على ضرورة العمل للإسلام، ولمساعدة إخوانه في كل مكان، بدايةً من ضرورة كونه مواطنًا مسلمًا صالحًا، ومرورًا بغرس نفسية الجهاد في نفسه، ووصولاً إلى تقديم يدِ العَون لهم بالدعاء والتبرع وشرح قضيتهم، أو أي وسيلةٍ أخرى.
- وضح له أننا إذا أردنا العزة والتمكين وتغيير الأحوال إلى الأصلح وإقامة الدولة الإسلامية.. فعلينا أن نبدأ بإصلاح أنفسنا وأهلينا ومجتمعنا؛ لأن الله تعالى يقول: ﴿إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ (الرعد:11).
- أشرِكه في أعمال المسجد والأعمال العامة وكلفْه ببعض الواجبات.
- مناقشة وجوب العمل للإسلام مع بعض الأساتذة.
- قراءة بعض الرسائل والكتب الخاصة بوجوب العمل للإسلام.. (الدعوة الإسلامية فريضة شرعية وضرورة بشرية، ورسالة إلى أي شيء ندعو الناس، رسالة إلى الشباب، و...).
- تعليمه ركوب الدراجات والسباحة وكل ما يساعد على أعمال الدعوة.
- يُفضَّّل أن يتعلم نهاية المرحلة ركوبَ الدراجات على الأقل، ويتعلم سهولة الحديث مع الناس وفي جمع، ويكثر من القراءة والاطلاع.
من علامات انتهاء المرحلة
- إذا بدأ يتألم لما يحدث للمسلين ويبكي من أجلهم ويدعو لهم في دعائه.
- إذا بدأ يتبرع بجزء من ماله للمسلمين.
- إذا بدأ يتحرك وسط زملائه وينقل لهم ما فهمه.
- إذا بدأ يختار فردًا من زملائه ويمارس معه الدعوة.
المرحلة الخامسة: العمل الجماعي
تستغرق هذه المرحلة شهرًا على الأقل، وفيها يوضح للمدعو أن هذا الواجب لا يمكن أن يتم فرديًّا، فالفرد لا يستطيع وحده أن يقيم دولة الإسلام ويعيد الخلافة، ولكن لابد من الجماعة التي تجمع الجهود الفردية لتستعين بها على تحقيق هذا الواجب الضخم، والقاعدة الشرعية تقول: "إنه ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب"، فما دام إقامة الدولة الإسلامية واجب ولا يتم إلا بالجماعة فقيام الجماعة واجب، ولا يتصور أحد أن يكون كامل الإسلام وهو يعيش وحده دون أن يعمل في جماعة لتنفيذ مبادئ الإسلام وواجباته، وهذه المرحلة أساسية؛ لأن كثيرًا من المسلمين لا يرون ضرورة قيام الجماعة أو الارتباط بجماعة؛ خشية الالتزام بتكاليف، وإيثارًا للعافية، ودفعًا للأذى الذي يمكن أن يتعرَّض له؛ بسبب ارتباطه بجماعة، وبقدر توضيح عظم المسئولية الملقاة على عاتقهم نحو الإسلام، وأن القيام بهذه المسئولية لا يتم إلا من خلال جماعة.. يكونُ الاقتناع بضرورة الجماعة مهْمَا كلفهم ذلك، ويتم في هذه المرحلة التركيز على النقاط التالية:
السمع والطاعة- الأخوَّة والحب- التربية الأمنيَّة- التضحيَة والبذل والجهاد- إنكار الذات.
وسائل مساعدة
- إعطاؤه بعض التكليفات الصعبة.
- إعطاؤه بعض المواعيد في أوقات نومه وراحته.
- إعطاؤه بعض الرسائل لتوصيلها إلى الإخوة في أماكن بعيدة.
- تعزيره بصورة مبسطة ثم معرفة رد فعله.
- دراسة بعض الكتب المساعدة مثل: (الجزء الثاني من كتاب ماذا يعني انتمائي للإسلام- بين الفردية والجماعية- أبجديات التصور الحركي للعمل الإسلامي- الآفات العشرون- الجزء الأول من الطريق إلى جماعة المسلمين).
من علامات انتهاء المرحلة
- احترامه للداعي وتقديره له ولكل إخوانه.
- السمع والطاعة للمسئول عن عمل هو مشارك فيه.
- عدم قلقه من المجموعة المغلقة وعدم إفشاء سرها.
- نجاحه في البرنامج العملي لهذه المرحلة.
المرحلة السادسة: اختيار الجماعة
مدة هذه المرحلة شهر تقريبًا، وفيها تتم الإجابة عن سؤال مع أي جماعة يعمل؟ وهذه المرحلة تعني الوقوف بصدق إلى جانب المدعو؛ للتعرف على فهم أداء كل جماعة، ثم مقارنتها بما عرفه عن الإسلام خلال المراحل السابقة، ويجب أن يفهم أن قضية العمل للإسلام قضية مصيرية وأساسية، وعليه أن يحسن الاختيار للطريق الذي يسير فيه ويطمئن إلى سلامته، ويوضح له خطأ الفرقة وتوزيع الجهود في تجمعات صغيرة.
صفات الجماعة الواجب العمل معها
يوضح للمدعو أن الجماعة الجديرة بالعمل معها هي:
- التي تهتدي بهدي الرسول- صلى الله عليه وسلم- في تكوين الدولة، والذي من أهمه التدرج، وتربية الأفراد على العقيدة الصحيحة، التي من أجلها يضحِّي بنفسه، وعلى الوحدة والترابط، وتكوين القاعدة الصلبة التي تحمل الإسلام وتدافع عنه، ولا تسمح لغيره أن يستقرَّ عليها، وهكذا فالبناء من القاعدة وليس من القمة، وكلما كان البناء ضخمًا احتاج إلى أساس عريض وعميق، والبناء المنشود هو دولة إسلامية عالمية.
- التي تأخذ الإسلام بشموله وتكامله عقيدةً وعبادةً وخلقًا وتشريعًا.. وكل نواحي الحياة، ولا يصح أن تهتم بجانب وتغفل بقية الجوانب.
- أن يكون لها الامتداد الأفقي في العالم لتهيئ الأسباب لتكوين القاعدة العريضة للدولة.
- أن تكون صاحبة تجربة وخبرة إسلامية عالمية.. لا مجرد الحكم المحلي.
- بعيدة عن الإفراط والتفريط.. بعيدة عن الانحراف والاجتزاء.
- منظمة مترابطة، تسير بخطة.. لا أن تكون مفككةً تسير بحركة ارتجالية.
وسائل مساعدة
- زيارة الإخوان القدامى.
- مشاهدة وسماع شرائط تتحدث عن بطولات الإخوان.
- دراسة كتب مساعدة مثل: (في آفاق التعاليم- شبهات على الطريق- حسن البنا الرجل القرآني- رسالة المؤتمر الخامس- الإخوان تحت راية القرآن).
- عمل دورات في أهداف الجماعة ومراحلها ووسائلها.
من علامات نهاية المرحلة
- توافر الصفات العشر (قوي الجسم، متين الخلق،...)
- يظهر رأيه في أمور خاصة بالدعوة.
- يدافع عن الدعوة وقياداتها.
- يطبق الأوامر بدقة.
- يدفع الاشتراك الشهري عن اقتناع.
معوقات الدعوة الفردية
الفوضوية في الدعوة الفردية
هي أن يمضي فيها الأستاذ على غير هدًى ودون ترتيب.. فليس هناك نظام ولا معالم واضحة للسير، وإنما كل ما هناك رؤية عابرة، وكلمة طائرة.. والسلام.
من مظاهر الفوضوية في الدعوة الفردية
1- الداعية وسائق التاكسي
حيث يتحول الداعية- عند الفوضوية- إلى سائق تاكسي للمدعو!! فهو مرتبط بالمرور على (سين) للذهاب إلى الملعب ومع (صاد) لمراجعة المستشفى ومع (عين) لزيارة أقاربه.. وهكذا يتحول العمل الدعوي إلى مجرد مرور وإحضار وتوصيل وإرجاع، أما التربية والتوجيه فقد ضاعت في زحمة المشاوير!!
2- الداعية وتضييع العمر
العمر الوظيفي المفترض هو سنتان، يمكن خلالهما البلوغ بالمدعو إلى قمةٍ عالية، ولكن عندما توجد الفوضوية نجد أن السنين تمر دون حساب، فيقضي المدعو أربع سنين أو خمس وهو (محلك سرْ)!!
3- لا أدري ماذا أقول؟!
هذا شعور يدل على فوضوية الداعية، فحين يكون مع المدعو في سيارة أو مجلس تجده صامتًا لا يدري ماذا يقول، أو تجده يرمي الكلام على عواهنه دون وعي وتفكير، وأحسن الأحوال أن تخطر في باله قصة أو فكرة فيقولها، دون أن تكون منتظمةً في إطار منسَّق مع غيرها من الأفكار والقصص.
4- عناصر الاجتماعات
كثيرًا ما يحتار الداعية، ولا يدري ما هي الموضوعات التي يجب نقاشها في الاجتماعات؟
5- ماذا أعطيه؟
تسأل الداعية أحيانًا ماذا أعطيت المدعو ليقرأه أو ليسمعه ؟ فتجد خلطًا عجيبًا من العناوين، وتجد أشياء غير جيدة، وتجد أشياء لا تناسب المستوى الفكري والإيماني للمدعو، وتجد أن بعض الجوانب فيها تطغى على بعض.
6- عدم التجانس التربوي
هذه ظاهرة خطيرة، وصورة سيئة من صور الفوضوية لدى الدعاة، فحين يغيَّب النظام، وتحل الفوضوية.. تتأمل في طرائق التربية فتجد أن الداعية الذي تميز في الجانب الإيماني يغترف من بضاعته للمدعو فيغرقه بالإيمانيات، أما الفكر والثقافة والمهارات العملية فتجده أبعدَ ما يكون عن محاولة تلقينها لصاحبه، وتجد الداعية الذي تميَّز بالفكر والاطلاع يُغرق صاحبه في بحر من القراءات والتحليلات، على حين أنه لم يزُر معه مقبرةً، ولم يصلِّ معه ركعتي قيام!! وهكذا تصبح لدينا في النهاية تضخُّمات لجوانب معينة على حساب جوانب أخرى.
7- الانتقاء العشوائي
الداعية يهتم بمن جاء إليه، ودخل تحت سقف مسجده، دون تأمل وتفكير هل يصلح هذا المدعو أم لا؟ إلى أي مرحلة سأصل معه؟ ومن ثم نجد من يمشي مع صاحبه سنين ذوات عدد، ثم يصاب بالإحباط؛ لأنه فوجئ أن صاحبه هذا لا يمكن أن يستمر بحال!! أفلا وعيت من قبْل أيها الأخ؟!
8- هل لديك ورقة وقلم؟
إن سير الدعوة دون تخطيط على الورق معناه الفوضى وعدم الانضباط، وانظر في واقعنا لو سألت أحد الدعاة.. ما هي المرحلة التي بلغها صاحبك؟ لما عرف كيف يجيب، ولو طلبت منه أن يشرح لك تصوره التفصيلي للمرحلة القادمة لما أجابك إلا بعموميات لا تفصيل فيها.
في النهاية يتم عمل تقويم لكل مرحلة، وماذا استفاد المتدرب من هذه المرحلة؟ وأهم المعوقات التي تلاقي المتدرب في الواقع العملي.. ثم تُوضع اقتراحات لتفادي هذه المعوقات.
</A>